كتاب الموسوعة الحديثية - ديوان الوقف السني (اسم الجزء: 3)
الليلة فيصلي أيضا مثل ورده كل ليلة قبل ذلك ثم ينظر فلا يرى الصبح فيخرج الثالثة فينظر إلى السماء فإذا هو بالنجوم قد استدارت مع السماء فصارت عند أول الليل فيشفق عند ذلك شفقة المؤمن العارف لما كان يحذر فيستخفه الحزن وتستخفه الندامة ثم ينادي بعضهم بعضا وهم قبل ذلك يتعارفون ويتواصلون فيجتمع المتهجدون أو المجتهدون من أهل كل بلدة في تلك الليلة في مسجد من مساجدهم، ويجأرون إلى الله عزَّ وجلَّ بالبكاء والصراخ بقية تلك الليلة فإذا ما تم لهما مقدار ثلاث ليال أرسل الله عزَّ وجلَّ إليهما جبريل فيقول: إن الرب عزَّ وجلَّ يأمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منه وإنه لا ضوء لكما عندنا ولا نور، قال: فيبكيان عند ذلك وجلا من الله عزَّ وجلَّ وخوف يوم القيامة، بكاء يسمعه أهل سبع سماوات ومن دونهم، وأهل سرادقات العرش وحملة العرش من فوقهما، فيبكون جميعا لبكائهما مع ما يخالطهم من خوف الموت وخوف يوم القيامة، فترجع الشمس والقمر فيطلعان من مغاربهما، وبينما المتهجدون يبكون ويتضرعون إلى الله عزَّ وجلَّ، والغافلون في غفلتهم إذ نادى مناد: ألا إن الشمس والقمر قد طلعا من المغرب فينظر الناس فإذا بهما أسودان لا ضوء للشمس ولا نور للقمر مثلهم في كسوفهم قبل ذلك فذلك قوله عزَّ وجلَّ: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (¬١) وذلك قوله: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (¬٢)، فيرتفعان كذلك مثل البعيرين
القرنيين ينازع كل واحد منهما صاحبه استباقا، ويتصارخ أهل
---------------
(¬١) القيامة: ٩.
(¬٢) التكوير: ١.