كتاب الموسوعة الحديثية - ديوان الوقف السني (اسم الجزء: 3)

فانطلقا حتى أتيا الصخرة، فرقد موسى، فأضطرب في المكتل، فخرج، فوقع في البحر، فأمسك الله عليه جرية الماء فصار مثل الطاق (¬١) فكان البحر للحوت سربًا (¬٢)، ولموسى ولفتاه عجبًا، فانطلقا يمشيان. فلما كان من الغد، وجد موسى عن نصب (¬٣)، فقال: {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} (¬٤). قال: ولم يجد النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله جل وعلا، فقال له فتاه: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} (¬٥) قال: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} (¬٦). فجعلا يقصان آثارهما حتى أتيا الصخرةَ فإذا رجل مسجى عليهِ بثوب، فسلم فقال: وأنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: يا موسى، إني على علمٍ من علم الله، علمنيه الله لا تعلمه، وأنت على علم من علم الله علمكه لا أعلمه. قال: إني أريد أن اتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدًا، {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (٦٨) قَالَ
---------------
(¬١) قال النووي: الطاق عقد البناء وجمعه طيقان و أطواق، وهو الأزج وما عقد أَعلاه من البناء وبقى ما تحته خاليًا. انظر: شرح مسلم ٥/ ٢٣٣.
(¬٢) السَرَب بالتحريك السلكْ في خفية. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر ٢/ ٣٥٦.
(¬٣) النصب: الإعياء من العناء والفعل. انظر: اللسان ١/ ٥٥٥ (نصب).
(¬٤) الكهف: ٦٢.
(¬٥) الكهف: ٦٣.
(¬٦) الكهف: ٦٤.

الصفحة 78