كتاب الموسوعة الحديثية - ديوان الوقف السني (اسم الجزء: 16)
إناء فيه طعام، فيأكل حتى يشبع، ثم يدخل، فيخرج بإناء فيه شراب، فيشرب حتى يروى، ثم يدخل فتلتئم الأرض، فإذا أمسى فعل مثل ذلك. قال: ومر أناس قريبا منه، فأتاه رجلان من القوم، فمرا عليه تحت الليل، فسألاه عن قصدهما؟ فسمت لهما بيده، قال: هذا قصدكما - حيث يريدان - فسارا غير بعيد، قال أحدهما: ما يسكن هذا الرجل هنا بأرض لا أنيس بها ولا وحش؟ لو رجعنا إليه حتى نعلم علمه. قال: فرجعا، فقالا له: يا عبد الله! ما يقيمك بهذا المكان بأرض لا أنيس بها ولا وحش؟ قال: امضيا لشأنكما ودعاني. فأبيا وألحا عليه قال: فإني مخبركما على أن من كتمه علي منكما، أكرمه الله في الدنيا والآخرة، ومن أظهر على منكما، أهانه الله في الدنيا والآخرة. قالا: نعم. قال: فنزلا، فلما أصبحا، خرج الخارج من الأرض مثل الذي كان يخرج من الطعام ومثليه معه، فأكلوا حتى شبعوا، ثم دخل فخرج إليهم بشراب في إناء مثل الذي كان يخرج به كل يوم ومثليه معه، فشربوا حتى رووا، ثم دخل فالتأمت الأرض. قال: فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال: ما يعجلنا؟ هذا طعام وشراب وقد علمنا سمتنا من الأرض، امكث إلى العشاء! فمكثا فخرج إليهم من الطعام والشراب مثل الذي خرج أول النهار، فقال أحدهما لصاحبه: امكث بنا حتى نصبح. فمكثا فلما أصبحوا خرج إليهما مثل ذلك. ثم ركبا فانطلقا، فأما أحدهما، فلزم باب الملك حتى كان من خاصته وسمره، وأما الآخر فأقبل على تجارته وعمله. وكان ذلك الملك لا يكذب أحد في زمانه من أهل مملكته كذبة يعرف بها إلا صلبه. فبينا هم ليلة في السمر يحدثونه مما رأوا من العجائب، أنشأ ذلك الرجل يحدث فقال: ألا أحدثك أيها الملك بحديث ما سمعت أعجب منه قط؟ فحدث بحديث ذلك الرجل الذي رأى من أمره. قال الملك: ما سمعت بكذب قط أعظم من هذا، والله لتأنيني على ما قلت ببينة أو لأصلبنك قال: بينتى فلان. قال: رضى، ائتونى به، فلما أتاه، قال له الملك: إن هذا يزعم: إنكما مررتما برجل ثم كان من أمره كذا وكذا؟ قال الرجل: أيها الملك! أولست تعلم ان هذا كذب، وهذا ما لا يكون، ولو أنى حدثتك