ولا يجب على الصحيح تعميم الأصناف بالزكاة؛ لأن النبي * قال لمعاذٍ - رضي الله عنه - (( ... فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فتردّ في فقرائهم)) (¬1) فهو أمر - صلى الله عليه وسلم - بردها في صنفٍ واحدٍ، والأدلة كثيرة في السنة، فتبيَّن بهذا أن مراد الآية: بيان الصرف دون التعميم؛ ولذلك لا يجب تعميم كل صنف (¬2).
ثالثاً: أنواع مصارف الزكاة ومفهوم كل مصرف:
المصرف الأول: الفقراء، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: مفهوم الفقير: لغة، واصطلاحاً.
مفهوم الفقير لغة: فعيلٌ بمعنى فاعلٌ، يقال: فَقِرَ يَفْقَرُ، من باب تَعِبَ: إذا قلَّ مالُه، ولم يقولوا: فَقُر بالضم، استغنوا عنه: بافتقر (¬3)، فالفقير بالكسر: جمعه: فقراء: المحتاج ضد الغني (¬4).
قال الإمام ابن الأثير رحمه الله: ((قد تكرر ذكر: الفَقْر والفقير، والفُقَراء في الحديث)) وقد اختلف الناس فيه وفي المسكين، فقيل: الفقير الذي لا شيء له، والمسكين الذي له بعض ما يكفيه، وإليه ذهب الشافعي، وقيل فيهما: بالعكس وإليه ذهب أبو حنيفة (¬5).
مفهوم الفقر اصطلاحاً: من لا يملك نصاباً نامياً فائضاً
¬__________
(¬1) متفق عليه: البخاري، برقم 395, ومسلم، برقم 19، وتقدم تخريجه.
(¬2) الكافي، لابن قدامة، 2/ 193 - 194.
(¬3) المصباح المنير، للفيومي، ص478، مادة (فقر).
(¬4) معجم لغة الفقهاء، مادة (فقير)، ص317.
(¬5) النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، مادة (فقر)، 3/ 462.