كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

وعلى أية حال، غادر علي بن أحمد القاعة بعد أن ترك انطباعا سيئا ونظرة سلبية للمسلمين. همس صالح بن ساعي في أذني طالبا ضرورة إصلاح الزلل. طلبت الكلمة، وبعد أن خاطبت ماسنيون بأدب جم ووقار، قدمت له بعض التوضيحات حول الحركة الوهابية التي حصر وجودها في منطقة الحجاز.
وكل من تغيب عنه خطورة الأفكار الدينية في الميدان السياسي، وفي الميدان الاستعماري على الوجه الأخص، لا يمكن أن يدرك خطورة الموقف الذي أظهرته أمام (المستشار التقني) للحكومة الفرنسية (ولكنه مستشار حقيقي، هذه المرة).
لقد أكدت في حضوره أن الوهابية ليست ظاهرة عربية بل ظاهرة إسلامية. وأضفت بأنها مسألة شبيهة بالبروتستانتية في المسيحية، علاوة على أني أنا شخصيا وهابي.
إن كل من يدرك أن كلمات مثل هذه توجه باحترام وتقدير لكاثوليكي في وسط بروتستانتي وإلى كاثوليكي (¬1) يعمل كذلك مستشارا تقنيا، فلا شك أنه سيحس غضبة ماسينيون الباردة المغلفة بابتسامة. وتأثرت القاعة ربما بعد التشبيه الذي قمت به بين الوهابية والبروتستانتية فصفقت لتدخلي. ها هي زلة علي بن أحمد قد أصلحت غير أني شعرت وأنا أجلس أن خطئي كان أشد وأعظم. كانت ملامح ماسينيون دكناء وهو ما زال يبتسم، بينما راح الإخوة بن ساعي يثنيان علي علي مهنئين (بموقفي المثير للإعجاب). فكرت
¬__________
(¬1) كان نادي اتحاد الشبان المسيحيين يرتاده البروتستنت بينما كان ماسينيون
كاثوليكيا. (المترجم).

الصفحة 100