كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

في والدي الذي زدت وضعه سوء للتو، وتأملت في كلمة قالها ماسينيون في عرضه والموقف الذي اتخذه بشأن رشيد رضا. لقد توقف عن الحديث دقيقة وكأنه مستعرق بتفكير باطني، وختم قولته بهذه العبارة:
- المهم أن هذا الرجل مات!
عندما انتهت المحاضرة التففنا حول البروفيسور. كان يحمل خريطة جغرافية كبيرة استعان بها في محاضرته وطواها وحملها تحت إبطه. وكان يستعد ليركب مترو الأنفاق في هذه الساعة المتأخرة للعودة إلى منزله. لقد تأثرت ببساطة هذا العالم المسيحي وحضر مخيلتي تحذلق (بئر العلم) المسلم في الجزائر الذي يبدي وجها مكشرا ويظهر الاستياء ويتأفف من تعب يحرص على إبرازه بعد درس صغير يلقيه في الفقه. هذا دون أن ننسى العديد من المرافقين الذين يحملون عنه أغراضه.
عندما وصلنا أسفل حجرة الثياب ليأخذ معطفه الواقي من المطر، أخذني أحد التلاميذ الجزائريين جانبا، والذي يبقى في نظري فتى طيبا مهما قيل عنه، وأقصد هنا شريط، ويشغل حاليا منصب المتصرف الإداري المنتدب لدى مجلس الاتحاد الفرنسي، وقال لي:
- هل تعلم أن البروفيسور ماسينيون لا يكن لك ودا بالمطلق.
أجبته وأنا أحيي ماسينيون وهو خارج:
- وهذا ما اعتقده.
رغم أني تخلفت عن الدروس خلال سنة 1935 في المدرسة، فلم تكن السنة دون جدوى على دراستي. فقد عززت تكويني في

الصفحة 101