كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

أيام كاملة من البحث المضني عن العمل من غير جدوى، أعود لمنزلي بقرية درو. وهناك استعيد معنى كرامتي وقيمتي. وكنت كلما عدت إلى بيتي أتناول كتبي للمذاكرة لأني لم أرد أن أضيع تكويني كمهندس فقد كنت أشعر أن ذلك هو الهدف الذي يسعى له ماسينيون، المستشار التقني للحكومة الفرنسية. وكنت ألزم نفسي بمراجعة شاملة مرة كل ثلاثة أشهر لأهم المواد من رياضيات وإليكترونيك وميكانيكا.
بيد أني أجد ماسينيون دوما في طريقي مهما كان المسلك الذي اتخذه.
لقد ظهر لي أن لا طائل من وراء المساعي التي أقوم بها والجهود التي أبذلها، وتيقنت أني لن أنال شيئا إن لم ألجأ إلى دعم معين.
كنت قد التقيت من سنتين خلتا بتبسة بكاهن طيب احتفظت بذكرى رائعة معه وسجلت عنوانه. طرقت ذهني فكرة الاتصال به ومراسلته. شرحت له حالة القلق التي أصابت مهندسا فاجأته الأزمة وهو في أخريات دراسته وكيف أنه يكتفي بطيبة نفس بعمل بسيط من قبيل مجرب الآلات الكهربائية أو عامل ميكانيكي في مخبر للقياسات الكهرائية.
أجابني الراهب الطيب بالبريد ووعدني بكل دعمه كما أخبرني بأنه اتصل في الحال بـ (صديق ذي مركز مرموق ويظهر كثيرا من المودة للمسلمين).
خمنوا من هو هذا الصديق؟ إنه ماسينيون نفسه. فبعد أيام، وصلتني رسالة من (صديق المسلمين) هذا يدعوني فيها للقائه

الصفحة 137