كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

وأعتقد أن إجاباتي لم تكن لتطمئنه لا من ناحية أفكاري ولا من جهة شعوري. ثم قام من مكتبه ليأذن بنهاية الحديث دون أن ينبس ولو بكلمة عن موضوع الاستدعاء. ولم يبق لي إلا أن أذكره به بما يشبه التهكم وأنا أحييه لمغادرة مبناه، فأجابني حين وضعت رجلي على الدرج: - نعم، نعم ... سأكاتبك في الموضوع. من الطبيعي أنه لم يكن ثمة شيء يرجى من جهته. غير أن التجربة أفادتني بيقين مزدوج. الأول أني سأجد ماسينيون دوما في طريقي، والثاني هو أن الضمير المسيحي ليس حرا في قراراته، لأن الكاهن لا يمكن أن يتصرف كما أراد من أجلي، رغم أنه تمنى ذلك وأنا متيقن، دون أن يمر بالنظام المركزي لل (الشؤون الإسلامية). وبديهيا أيضا أن ماسينيون يقف على رأس منصب هام في هذا النظام. وستكون لي فيما بعد جميع الأدلة التي تمنحها تجربة طويلة أن ماسينيون كان على اتصال بالمكتب الثاني وبالمنظمة الكهنوتية. ثم أنني بدأت أحس منذ سنة 1936 أن المكتب الثاني بدأ يضيق الخناق على عائلتي وعلي شخصيا. فبالفعل، ورغم توافر عدة مناصب خاصة بالخوجة وشغورها في عدة بلديات وخاصة بتبسة بعد وفاة صاحبه حلايمية الشريف، رحمه الله، فإن والدي حرم من إعادة الإدماج رغم توسط أهالي مرموقين ومؤثرين على غرار والد الشيخ بن غراب.
ومن جهة أخرى، ولسبب أجهله، طلبت من مدرستي شهادة (طالب سابق) بها، وأصر المدير لدى كاتبته لملاقاتي رغم أني عقدت العزم على تجنبه. شعرت بأن لدى الرجل ندما على فعلته الشنيعة

الصفحة 139