كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

وجدت مدير مدرستي الذي بلغه الخبر متضايقا ومحرجا. وحاول رغم كل شيء أن يشرح لي رسوبي بالامتحان الشفوي. لم أرد أن أضيف إلى إحراجه، خاصة وأنه أرسلني بتوصية منه إلى طالب سابق للمدرسة ويعمل الآن مدير شركة لرقابة الطاقة الكهربائية لمحافظة السين (Seine).
فهذه الشركة طلبت منه إفادتها بطلبة أنهوا دراستهم لتوظيفهم. ذهبت للشركة بمزيد من الأمل معتقدا أن ماسينيون لا يمكن أن يكون له تأثير في شركة خاصة, غير أني أخطأت التقدير هنا أيضا. فجميع مساعي ونشاطاتي كانت بكل تأكيد مراقبة، وكان ثمة من يسبقني. وعليه، عندما وصلت شركة المراقبة الكهربائية استقبلني مديرها بكل عناية ليقول لي بكل برودة أن جميع مناصب المراقبة قد وزعت.
ولن أتحدث عن مساع ومحاولات أخرى قمت بها شخصيا حتى بغرض القيام بتربص تقني سواء في صناعة البطاريات أو المصابيح. كانت النتيجة دائما لا شيء. وكانت الحياة تضغط وتداهم.
بيد أني لم أكن صاحب عقلية لا تستخلص دروسا تطبيقية من تجاربها. لقد كنت دوما منهجيا منظما. وقد فرضت العبرة نفسها على ذهني وتعززت بعديد الأدلة، أدلتي أنا وأدلة صالح بن ساعي.
هكذا خلصت إلى أن النظام الفرنسي لا يسمح، وبالمطلق، أن يكتسب أحد من الأهالي من سكان المستعمرات تكوينا تقنيا، وإذا تمكن جريء من الظفر به، يتكفل النظام بضياعه بجميع الوسائل. هذا ما استشففته بكل براءة لأتخلى مبكرا في قرارة نفسي وأعماقها

الصفحة 141