كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

عن كل مهنة مهندس. غير أني ما لبثت أن أدركت في الحال بأن هدف ماسينيون كان أكثر اتساعا وأكثر عمقا مما أتصور.
تحت ضغط ظروف الحياة وضروراتها، تذكرت شهادة المدارس في الجزائر التي تجيز لي حق الحصول على منصب الوكيل القضائي. وجدت هنا باب خروج أو باب نجدة وجدت نفسي مرغما على أن أطرقه.
فقد عولت على ميزة سهولة التعبير عندي لأعد لنفسي وضعية مشرفة تسمح لي بمواجهة الملح من الحاجات في وقت أتطلع فيه بطريقة غير مباشرة إلى مهنة محتملة لمهندس. لأني لم أكن أريد أن أتخلى عن وظيفة المهندس التي دفعت عنها عائلتي تضحيات وكلفتني الكثير من الجهود. ولم أنقطع عن مراجعة دؤوبة لمواد الدراسة. أردت بهذه الوظيفة أن أرضي ظاهريا العقلية الاستعمارية على أن احتفظ في سريرتي بطموحاتي السرية. وحصل أن التقيت بشيخ يعلم القرآن، جاء ليرتشف كوب شاي في مقهى الهقار حيث كنت أذهب أحيانا عندما أتواجد بباريس، لأتناول خبزا يابسا وأنا أسير ذهابا وإيابا حول حديقة لكسومبورغ في بحثي الحثيث عن فرصة عمل، ثم أقضي الليل عند بن ساعي. كان الشيخ يقص علي مغامراته كرب عائلة اضطرته الأحوال إلى الاغتراب سعيا وراء لقمة عيش أبنائه والعمل حفارا. أخبرني أيضا بأن مدينة سيدي بلعباس ليس فيها إلا وكيل واحد بالرغم أن المدينة تعد مركزا هاما. وبناء عليه، وجهت في أواخر 1936 طلبا حسب الأصول لنيابة الجزائر

الصفحة 142