كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

أما الرسالتان فكانت أولاهما من قاضي سيدي بلعباس موجهة لوكيل الجمهورية والثانية من هذا الأخير للنيابة العامة. يؤكد القاضي في مراسلته لرئيسه المباشر أن المدعو بن نبي معروف في سيدي بلعباسى (وهي المدينة التي لم تطأها قدماي مطلقا ولا أعرف فيها أحدا) ك (مستشار تقني) كما أنه عضو نافذ في حزبـ (نجم شمال إفريقيا)، وبناء عليه، فإن وجوده بسيدي بلعباس غير مرغوب فيه.
وكيل الجمهورية يؤكد نقطة بنقطة كل ما قاله مرؤوسه من (الأهلي) (الانديجين) ولكنه زاد بأن منصب الوكيل لا يسمح للسيد بن نبي بأن يعيش حياة كريمة.
أترك للقارئ ليستخلص بنفسه المفارقات التي يمكن أن يستشفها إن لم يكن أندجينا، لأني لو توقفت كل مرة للتعليق على هذه التفاصيل الهامة جدا في هذه المأساة التي تقوم على حبكة نفسية، فلن أنتهي أبدا من هذا العرض.
ومهما يكن من أمر فقد كنت مشغولا بمسألتين:
لم يكن هدف ماسينيون هو منعي من الاحتفاظ بتكويني كمهندس بل منعي من العيش بكل بساطة. يجب أن أهلك أو أن انحط، أو قل انحط حتى تحبط كل (محاولة انديجين) فيستنكف إراديا عن الولوج للمهن التقنية.
ثم أني أدركت أن فكري الذي لا يطالب بـ (حقوق) ولا بـ (استقلال) كان في نظر الإدارة أخطر من محترفي (المطالب الحازمة). وباتهامي بأني (عضو نافذ في نجم شمال إفريقيا)، رغم علمها الأكيد

الصفحة 144