كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

شتائمهم. فقررت أن أسمع صوتا مناهضا للاستعمار. فذهبت ومعي بعضا من أحسن تلاميذي المكونين من مرسيليا كمحمد سوالمية وسي حاج بن يونس وغيرهما ... وكنت أواجه أحيانا نيات سيئة لا تخطر على بال، وأصادف مرات أخرى جهلا مطبقا بقضايا الاستعمار. غير أني كنت أنتزع دائما مودة كل الذين تحدوهم نيات صادقة حيث كنت أحدث فيهم تأثيرا عميقا بما أكشف لهم من حقائق عن الوضع بالجزائر.
بيد أن الأحداث كانت تتسارع في العالم. وكان الحديث ذات صباح عن لقاء ميونيخ (¬1). وقامت المنظمات الديمقراطية التي نظمت مهرجانا في قاعة لم أعد أذكرها بتوجيه دعوة (لأمين نادي التربية التابع للمؤتمر الإسلامي). لبيت الدعوة واصطحبت معي بعض التلاميذ. كانت القاعة تغص بالحضور. أخذت بدوري الكلمة، فعمت الدهشة لأني طلبت أن يشير جدول الأعمال إلى عريضة تنديد بالوضع الظالم السائد بالجزائر. لم يكن الأمر متوقعا. وعندما تم تجاهل عريضتي، صعدت عنوة إلى المنصة لأكرر احتجاجي في هذا اليوم التاريخي للقاء ميونيخ.
خرجت من القاعة مشمئزا وكلفت تلاميذي بدعوة مسلمي شارع شابوليية لمحاضرة في زوال نفس اليوم. لا أعرف إن كان الجو العام
¬__________
(¬1) المقصود اللقاء الذي عقد بميونيخ في عام 1938 وجمع هتلر (ألمانيا) ودلادييه (فرنسا) وموسوليني (إيطاليا) وشمبرلين (بريطانيا)، وهو اللقاء الذي تقرر فيه فصل منطقة السوديت من تشيكوسلوفاكيا وضمها للرايخ الألماني، فتم إبعاد شبح الحرب مؤقتا. وقد أثارت القمة جدلا واسعا في فرنسا وغيرها من البلدان. (المترجم).

الصفحة 167