كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

هو الذي حرك الهمم أم لا، فالردهة الواسعة لمحل الحدادة القديم كانت غاصة بالحضور، بل كان الناس خارج المحل في شارع فوشييه، فكان رأس الجموع أمام المحل يسمع كلامي لأخره. رددت على مسامع الحضور تنديدي بعد أن فصلت فيه، والذي تقدمت به صباحا أمام ديمقراطيي فيدرالية منطقة بوش دي رون. كنت مدركا تماما أني الجزائري الوحيد الذي رفع تنديدا علنيا ضد نظام سيعبئ المسلمين للدفاع عنه. وكنت أعرف أن آذان الإدارة سمعتني صباحا وستسمعني مساء أثناء خطابي في شارع فوشييه. وكنت أعي أن هذا اليوم لم أخرق ببراءة بيت العنكبوت بجناحي الصغيرين وحسب بل زعزعتها بمهبي بخطورة، ولكن بنية مبيتة.
انتظرت توقيفي من لحظة لأخرى. وفي الساعة الخامسة زوالا، أخبرت بأن الحرب لن تقع.
هل كان ثمة داع لتوقيفي؟ أترك للقارئ من الأهالي العناية بالإجابة لماذا لم يتم توقيفي؟ أما القارئ المسلم فإنه يفهم الموقف تلقائيا.
غير أن مقامي قد طال أكثر من اللزوم في شارع فوشييه في عين الإدارة وعندما فشل (الوطنيون) وأصحاب المطاعم الحقيرة والمقاهي العربية في دفعي لمغادرة المكان، تكفلت ولاية مرسيليا بمهمة إبعادي.
فبعد أيام، تلقيت استدعاء من المفتشة الأكاديمية لمنطقة بوش دي رون، فذهبت.
التقيت بشخص تظهر عليه علامات الإحراج من المهمة التي كلف بها. كان هو مفتش الأكاديمية وأخبرني بأني لا أتوفر على أي

الصفحة 168