كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

سند قانوني لأزاول التعليم. فأفهمته أني أعلم الأبجديات لأميين مساكين من كبار السن لم يكن عندهم حظ وجود مدرسة في مناطق سكناهم في صغرهم. وأضفت بأني مهندس.
ابتسم الموظف وكأنه حكم علي بأني بدرجة من السذاجة بحيث لا أفهمه، فعزم على إفهامي فقال:
- سيدي، أنت تدرك أنه منذ أن بدأ سكان شمال إفريقيا يتعلمون ومنذ بروز (قضايا) فلسطين، لم يعد بالمقدور قيادتهم وحكمهم.
أدركت أن الموظف الموقر لا يعرف جميع خبايا هذه القضية التي يوجد بها عامل شخصي يمس بشخص. ثم بقيت في مستوى حديثه ونددت بإجراء يمس المسلمين لأن اليهود لم يكونوا راضين تماما عن علاقاتهم مع إخواني في الدين. ضاق الخناق على الموظف الموقر فقال وكأنه يعترف:
- أنت تفهم أن الأمر لم يصدر من هنا ولكن من فوق. فأدركت أن ماسينيون يتابع من باريس خطواتي وأنا بمرسيليا.
هل من الواجب مضاعفة الكفاح؟ كنت أستطيع أن أذهب إلى حد دفع الإدارة إلى استعمال القوة تجاهي.
غير أن وضعي المادي الصعب أرغم زوجتي على العودة إلى درو.
ولم أكن من جهة أخرى لأرفع المساهمات الأسبوعية التي يدفعها تلاميذي بخمس فرنكات لأن معظمهم كان بطالا. فاعتبرت أن مهمتي في مرسيليا قد شارفت على نهايتها. غير أني مكثت بعض الأسابيع بعد ذهاب زوجتي. وحين حل يوم مغادرتي، بكى تلامذتي،

الصفحة 169