كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

استشطت غضبا فرحت أقدم عرضا تاريخيا عن فشل المؤتمر. كان بن جلول متهما بكل جلاء غير أنه كان في منأى عن المناقشة التي كان خطئي أني افتتحتها مع بن جامع. أدركت لما خرجنا أن (الحكيم) لم يكن ذكيا ولكنه كان أكثر دهاء مني. وتحققت من الأمر في حفلة الشاي التي نظمت في النادي والتي حضرها الشيخ العربي التبسي وجمهور كبير. انتاب بن جلول خوف شديد من أن استأنف الجدال. وهكذا، فبمجرد ما ولجت قدماه النادي، توجه الصنم رأسا إلى ركن كان يجلس فيه والدي وعانقه بحرارة. وأدركت للتو خيانة هذا العمل المشهدي غير أني، وبصفتي أنديجانيا جيدا، كنت عاجزا بفعل قبلة الخداع هذه، وأنا أسجل مكر الخائن. كما لاحظت نبرة أخرى للمكر عندما أخذ الصنم الكلمة وأحسن إلى درجة أن عرضه كان اتهاما موجها ضد العلماء. وكنت أراقب العربي التبسي الذي لم يحرك ساكنا. وأنا أتساءل إلى اليوم هل يتعلق الأمر بجبن كبير أم بغباوة عظمى. مهما يكن، وفي الغد اعتقدت أن الخطب الفاترة للشيخ قد أهانتها وقاحة الصنم، فأردت أن أسبر أغواره:
- أما زلتم، شيخنا، تعتقدون أن بن جلول لا يمكن تعويضه؟
تحرك الجسم الممتلئ وكان الجواب:
- ومن تعتقدون أنه سيعوضه.
أدركت نهائيا أن مرض (الثقافة الإسلامية) يستعصى على الشفاء.
ثم أصبح لدي إحساس بأن العديد من الناس في تبسة بدأت تعي هذا المرض وتدرك خطورته. ترجاني بعض سكان تبسة وخصوصا

الصفحة 172