كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

وعلى غرار باقي مدن الجزائر، قامت تبسة بتدنيس مقبرتها. ودعي الجميع لهذا الفعل المنكر الذي أمرت به الإدارة بكل جلاء. وتجرأ بعضهم لترشيحي، عبر عبد الحفيظ مسكالجي، وهو من أقاربي، لأتحدث في الجمع حتى (أكفر عن ذنبي) أمام الإدارة ويستعيد والدي منصب عمله. فرفضت. ناهيك أني قررت أن لا أغادر بيتي مطلقا زوال هذا اليوم فأغيب عن المقبرة وحتى عن المدينة حيث سيتم التعبير عن الاحتجاج على احتلال ألبانيا. وكان قصدي التنديد بخيانة (الأبطال). في هذا اليوم بالذات، وبينما أنا في طريقي متجها صوب منزل زوج أختي عبد الحميد في حدود منتصف النهار لتناول الغداء، صادفت الشيخ العربي التبسي يرافقه الشيخ عيسى الذي يلازمه كالظل. استوقفني (العالم المسلم) ليعرف هل سأكون في المقبرة بعد الزوال. أجبته بالنفي. لاحظت قسمات وجه (العالم) تتشنج وفورة من العرق في جبينه تتشكل وخاطبني وهو محرج:
- وددت لو تحضر معي.
أدهشتني هذه الدعوة التي لم أكن انتظرها. وبعد أن لاحظ الشيخ ربما التعجب باديا على محياي شرح كلامه قائلا:
- نعم وددت أن يرافقني شخص يكون صافيا على شاكلتك، فأنت تدرك ...
أدركت فعلا أن (عالما مسلما) لا تعوزه الشجاعة لرفض المشاركة في تدنيس طلبته الإدارة وحسب بل ولإخفاء هذا العيب عن أعين

الصفحة 176