كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

الناس فضل أن يجر في تدنيسه (شخصا صافيا). لم أعرف ما هو الاشمئزاز الذي تحملته لأقول بأدب ل (العالم):
- وأنت؟ هل أنت مرغم على الذهاب؟
أجابني: نعم فأنت تعرف أن الإدارة تراقبني.
هكذا الحال إذن. لقد كان الشيخ يولي حكم الرجال والإدارة أهمية أكبر مما يولي أهمية لحكم الله تعالى ومراقبته. رأيت أنه كان محرجا كثيرا وكان يثير الشفقة أمامي فلم أجرؤ على أن أقضي عليه بأن أقول له مثلا أني مراقب من الإدارة أكثر وأن حالتي المادية وحالة أسرتي كانت أصعب وأقسى بكثير من حالته. فأجبته ببساطة:
- الشيخ، أنا لا أعتقد أني مضطر أن أشارك في تدنيس المقبرة، إلى اللقاء.
هل شارك الشيخ شخصيا في هذا العمل الشنيع أم هل اتعظ من موقفي فاستخلص منه درسا؟ لا أعرف ولا يمكن أن أؤكد مشاركته أو أن أنفيها. أهل تبسة يعرفون.
مهما يكن من أمر فإن من الواجب بسط هذا (اليوم المشهود) في خضم خطة السياسة الاستعمارية في الجزائر حتى نفهم المأساة التي أقدم لمحة عنها هنا: إنه يوم سعت فيه القيادة الاستعمارية، التي تضم ماسينيون، للتعرف على حال الوسط الإسلامي وقد سجلت ارتياحها في مساء ذلك اليوم، وكل شيء عاد إلا بعض النقاط) (كما يقال). وقد كنت حتما إحدى تلك النقاط في نظر الإدارة ووضعي الشخصي سيتأثر بذلك وأحس به.

الصفحة 177