كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

الوحيد الذي قال لي كلمة مشجعة في تلك الأيام القاتمة هر قريبي صالح حواس الذي أدرك ربما الهم الذي يكدر أيامي وينغصها:
- لا تخش شيئا سنتقاسم كسرة الخبز سويا.
المسلمون الفقراء، من جانبهم، استعدوا للحرب. ولإذكاء حماسهم، قام الدكتور بن جلول وفرحات عباس بالانخراط في الجيش الفرنسي.
تلقى والدي في نفس اليوم برقية تعيد إدماجه في وظيفته -بعد سبع سنوات من السكوت المنظم- وتلقيت من جهتي، كتيبا يتضمن الرد على النازية. فهمت جيدا المساومة المقترحة علي ضمنيا. إلا أنني اعتقدت من الواجب أن لا أحذو حذو بن جلول وفرحات عباس، والنتيجة هي أن والدي لم يعد إلى عمله. أما أنا فقررت أن أغادر الجزائر إلى فرنسا ومعي زوجتي.
وقبل ذلك كان علي أن أجني بعض الذكريات السيئه بتبسة. كنت قد أنشأت (جمعية حماية الفتاة المسلمة). فالعديد من الفتيات العذارى يشتغلن كخادمات لدى عائلات يهودية. وكان من العادي أن ينادى على هاته الشابات باسم (فاطمة) وكن في أغلب الوقت يحملن سفاحا، ولم أجد مسلما واحدا يقترح وسيلة لإنقاذ الفتيات المسكينات من وضعهن المزري ك (فاطمات) وكأمهات عازبات. قمت، والحال هذه، بتحرير أنظمة مشروع الجمعية بطريقة يمكن تعميم التجربة تدريجيا في كامل الجزائر. وكان النظام بسيطا: إيجاد مأوى لهؤلاء الفتيات اللواتي سيقمن تحت مراقبة زوجين مسلمين طاعنين في السن تقيين إما بالعمل باليوم عند عائلات مسلمة محترمة أو القيام بغسل الثياب التي تجلب لهن.

الصفحة 181