كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

ثم صعد من أعماقي، التي حملت أكبر مقدار من النفور والاشمئزاز لم يحملها أبدا إنسان وهو يغادر وطنه، شيء كالذكر، فتمتمت: - يا أرضا عقوقا! تخصين الرجل وتهينينه. يا أرضا قاسية! تقتلين أبناءك وتتركينهم للجوع وتطعمين الأجنبي! أتمنى أن لا أراك ولن أعود إليك أبدا حتى تصبحي حرة!
تمتمت هذا الدعاء بينما كانت النظرة الأخيرة لأرض ميلادي تبتعد وتنمحي في الأفق.
تذكرت هذا الدعاء، كما أتذكر دوما أمنيتي في جوان 1936:
- ربي لا أريد نصيبي في هذه الدنيا! فمنذ ثلاث سنوات خلت وأنا أتحقق من أن دعائي هذا مستجاب, غير أني لم أصدق مطلقا أنه سيتحقق طول هذه المدة: فأنا لم أحصل من هذه الدنيا سوى تجربة محزنة تثير الرثاء.
غصت في مغامرة ستطول سبع سنين، بينما كان العالم يغوص في الحرب العالمية الثانية.

الصفحة 184