كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

زكامه ليس بـ (عالم) كبير. وأخيرا انتهى الشيخ العقبي من شكواه ليقول بصوت خفي:
- بالفعل كانت محاضرة بن ساعي حسنة ولكنها كانت عبارة عن سرقة أدبية أو قل عدة سرقات أدبية مركبة.
أذهلني هذا التأكيد في وضوحه وخلوه من أي تحفظ أو تردد في الصوت أو في الحكم. وأردف الشيخ لإقناعي بعد أن لاحظ دهشتي:
- إني أؤكد أن بعض مقاطع هذه المحاضرة لا يمكن أن تكون بقلم جزائري يحرر بالعربية. فلا نجد مثل هذا الأسلوب إلا في المشرق.
لم أكتشف القيمة السلبية لهذا المقياس إلا فيما بعد ..
لقد أصابني الإحباط لأني أعلم شخصيا كيف تم تحرير المحاضرة في غرفة صغيرة بنزل بباريس. لقد خارت عزيمتى أمام هذه العقدة التي لمست فيها جملة من العيوب كالغيرة والكذب والدناءة. وحتى يأتي علي نهائيا أضاف الشيخ (حجة) قوية:
- زد أن بن ساعي لم يتمكن حتى من تلاوة نصه جيدا.
صدمتني هذه الكلمات ومستني في أعماق شعوري وفي مناصرتي للإصلاح وفي أنفتي وذكائي على غرار محمد بن ساعي، واهتزت في الأخير ثقتي في (العلماء).
ثم غيرت موضوع الحديث مستغلا قدوم أحد الأوروبيين الذي زعم أنه صحافي وديمقراطي اشتراكي، والذي سأكتشف بعد سنين، أو قل كشف عن نفسه، بأنه ممثل ماسينيون (أي ممثل المكتب الثاني) بالجزائر العاصمة وبأنه نائب عن تجمع الشعب الفرنسي (RPF) .

الصفحة 46