كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

والخامل مجموع الأفكار التي تمخضت في فكري خلال الأسبوع. فيجد المتمكن حديثا من التنعم بحياة باريس تسلية إضافية، ويجد فيها المغترب فرصة للتنهد وإلقاء بعض الحسرات، ويجد المثقف دائما طريقة أو أخرى للإعراض عن إبداء رأيه في القضايا التي عرضتها ويحس بأني واجهته بكشف واجباته الآنية التي يتعين عليه أدائها بصفته طالب أو إنسان عادي.
وعند ما أعود للبيت متأخرا مساء كل سبت دون أن أقنع العامل أن يكون أقل خضوعا لمقتضيات الاندجينا، والطالب أن يكون أكثر فكرا وأطهر أخلاقيا وأكثر فعالية اجتماعيا.
وكان الوسط الطلابي الجزائري منقسما إلى فئتين. فالإدارة التي فشلت في فصل الطلبة الجزائريين من جمعية شمال إفريقيا، وجدت طريقة لفصلهم عنها عضويا.
فقد عمدت ببساطة إلى إنشاء مأوى للطالب المسلم تحت مسمى (النادي المتوسطي) (Cercle Méditerranéen) . وكان منشط هذه الحركة الانفصالية بالطبع هو عمار نارون. غير أن المثير في الموضوع هو أن بومنجل قد عارضه، على غراري تماما. والآن وبعد أن عرفت نفسية ماسينيون أفضل، فإن الأمر يفسر على وجهين. فهذا الرجل عبارة عن عقدة من الاستعلاء الأكثر غباوة والحيلة الأكثر ميكيافلية. ف (النادي المتوسطي) كان إنجازا من فعل غودين. إلا أن ماسينيون ظهر في المسألة وكأنه (عالم) من الأهالي، يغضب على كل ما لا يحمل إسمه ويثير فزعه.

الصفحة 52