كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

هذه هي الكبرياء الغبية للرجل. ومن جهة أخرى، كان على قدر من الميكيافلية حيث كان يعطي أوامر للمطيعين له لاحتلال موقع في المعارضة وإلا فلن يصبح النشاط الاستخباري ممكنا.
والحق أن الطريقة بدت ذات فعالية كبيرة وأنا الآن أدرك ماذا يمكن أن تثمر بعقد مقارنة بين سيرتي وسيرة (البطل الوطني) بومنجل.
وقد فكرت في استغلال سوء التفاهم بين بومنجل ونارون فأجعل نهاية لمآثر وإنجازات وبطولات هذا الأخير. خدمني الحظ، إذ أخبرني الدكتور بن ميلاد، من مدينة تونس، أن عملية اختلاس قد حصلت وذهب ضحيتها عشرات الألوف من العمال من شمال إفريقيا وأنها مكنت المحتال من الاستيلاء على عشرات الآلاف من الفرنكات. ولم يكن النصاب سوى نارون الذي تلقى (سنة 1930) الاكتتابات لإنشاء جريدة تعنى بـ (الدفاع عن حقوق عمال شمال إفريقيا في فرنسا). ولم تر الجريدة النور بطبيعة الحال.
وقد رجوت بن ميلاد أن يؤكد لي الأمر كتابيا، تحت شكل رسالة للاطلاع فقط وهو ما قام به بالفعل. فبدأت الرسالة تنتقل بين الأيادي وتروج في ربوع الحي اللاتيني وتنتشر.
وقد أفاد كل من بومنجل وساحلي، البريء الطيب، كناقلي التهمة ومروجيها. وتم استبعاد نارون وطرد حتى من الجمعية الجزائرية التي كان ينوي التربع عليها، ليسود بفضلها على ستة من الطلبة المساكين الذين وجدوا ملجأ في (المأوى) المذكور، في انتظار أن يظفر بمنصب نائب الوالي.

الصفحة 53