كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

لقد قام بن ميلاد بمعية طالب تونسي آخر هو سومر بترتيب هذا اللقاء مع مصالي، بناء على طلبه، مع بعض الطلبة المدعوين وكنت في عدادهم.
تم اللقاء ذات مساء من يوم السبت في غرفة وضعها صاحب المقهى تحت تصرفنا وتقع فوق محله. كان من بين الحضور العيمش ببنيته الشبيهة ببنية ميرابو وبشعره الأشعث، وحضر راجف وسي جيلاني والمسمى عبد الله والمدعو تلمساني صاحب هيئة رياضية قد تجعلني أرى فيه شخص الشرطي لو كانت عندي تجربتي الحالية.
وقد بدا لي مصالي الذي كان برفقة مساعديه، مرحا وودودا. غير أن شعورا بالرقة والشفقة غمرني لمجرد أن مرت علي فكرة أن هؤلاء (العمال) هم الذين قدموا إلينا بينما كان واجبـ (المثقفين) هو الذهاب نحو إخوانهم العمال لتربيتهم وتثقيفهم.
وهناك حقيقة لا غبار عليها هي أن بومنجل والفاسي غابا عن الاجتماع، ناهيك بطبيعة الحال عن نارون وموفق.
تأثرت كثيرا وأخذت الكلمة بعد بن ميلاد الذي قام بالتقديم ومصالي الذي عرض لموضوع الاجتماع، فعبرت عن سروري لهذا اللقاء والآثار الطيبة التي يمكن أن يخلفها على إفريقيا الشمالية. وقد أظهرت فصاحة أكثر من الواجب لأن بن ميلاد - الذي كنت أقدر فيه دوما حسه المعتدل ورزانة تقديره - استرعاني. لقد كنت صادقا بكل تأكيد، ولكني كنت مصابا بمرض سوفة يكون موضوع انتقاد مني شخصيا بعد سبعة عشر سنة.

الصفحة 58