كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

مهما يكن فقد قام صاحب مقهى (الهقار) بتكريمنا بشاي ثم اتخذنا قرارا بعقد اجتماعات أخرى. وهكذا تشكل الحزب الوطني أو قل أعيد تشكيله، لأن المرحوم الأمير خالد أسسه بباريس في سنة 1927 باسم (نجم شمال إفريقيا). فتم التأسيس تحت إشراف هذا المغترب النبيل. وانتفع (نجم شمال إفريقيا) ماديا بذكراه ببيع صوره، ومعنويا بجذب الانضمام والانخراط في صفوفه. وهكذا فقد ركبت سفينة الوطنية بنشاط ومرح. وقد انخرطت كلية إلى درجة أني أصبحت أتخلف عن اجتماعات (الجامعة العربية) حيث كنت أجد أن الحديث يدور عن أشياء لا شك أنها محترمة غير أنها لا تدعونا مطلقا إلى واجب نقوم به فورا بوقتنا المتوفر وبذكائنا. وفرارا من المثثقفين وأدعياء الثقافة (l' intellectomanie) وقعت للأسف في السياسة العقيمة أي البوليتيك (boulitique) غير أني لم أدرك ذلك بعد في تلك السهرة التي لا تنسى والتي أذنت بميلاد (الوطنية) الجزائرية. وكان حماسي فياضا وأنا أغادر الهقار وكأني فارس شاب خاض للتو معاركه.
وعند عودتي إلى البيت، كنت أتصور شتى المشاريع التي ترفع من المستوى الأخلاقي والفكري لمواطنينا الذين يعيشون بباريس. ثم حدد اللقاء الآتي مع مصالي بعد أسبوعين، وكنت تواقا لأحضر لقاء السبت المقبل لأخبر الأخوين بن ساعي، وكنت قد تصالحت معهما بعد هذا الحدث الكبير. وأثناء ذلك، كان يتعين علي أن أعد مشروع مسرحية صغيرة تعرض بمناسبة التظاهرة الرسمية الأولى ل

الصفحة 59