كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

صورتها فقط. إني أريد أن أرى كنتي. هل هي طويلة القامة؟ إني لا أحب النساء القصيرات.
أخذت من جيبي صورة لزوجتي كنت قد تلقيتها منها، ومددتها لها قائلا:
- أجل إن خديجة طويلة القامة، ربما أكبر قليلا منك.
- ولكن الكبر أصابني ولم تترك الأمراض مني شيئا. سأتأمل صورتها بروية بعد أن تخرج وأشعل النور.
لقد كانت أكثر ساعات يومي حلاوة ثم بدأ الليل يخيم ويلف ساحتنا الصغيرة ويحيط ملامح والدتي بهالة، وقد كانت تتخيل تقاسيم كنتها من الصورة.
وإلى موعد مغادرتي، جرت بيننا سلسلة من الأسئلة عن زوجتي، حول قدراتها المنزلية وأخلاقها وروابطها العائلية. وكنت أحس من كل سؤال انشغالا أموميا كانت تزيله إجابتي: فالأم لا تمنح كنوزها لأي كان.
غير أن قلقا مبهما سكنني بعد هذا الحديث:
- لا تتعبي نفسك يا أمي ثم إنك تحسين بالألم. ثم أضفت مؤكدا وأنا أقبل يدها إذ استعد للمغادرة: يجب أن تستدعي طبيبا.
- كان الله في رعايتك وحفظك يا ولدي. إذا مرضت فهو الذي سيشفيني. أما التعب فإن لطيفة الصغيرة تساعدني كثيرا وتقرب لي كل ما يبعد عن متناولي.

الصفحة 76