كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

ثم إن (الوطنية) (¬1) بدأت تبرز أهدافها الربحية في باريس: فمصالي افتتح مقهى شرقيا في مومبارناس سماه (تلمسان) ...
ويجب الإقرار أني لم أنظر في حينها الأمر بملامة باعتبار أن من واجبـ (قائد الوطنية) أن يضمن قوت عائلته بطريقة أو بأخرى. إلا أنها، وللأسف، الطريق المعبدة (للوطنية الجزائرية)، الطريق التي يسلكها حتما كل مغامر، يتطلع إلى فتح مطعم شعبي أو مقهى عربي، أو قيادة نقابة أصحاب المطاعم. غير أننا لا زلنا-باستثناء مصالي- في مرحلة النشوة العاطفية. والمثير هو أنه في الوقت الذي ابتعدت فيه عن (الوطنية) أصبح بومنجل وطنيا وأصبح فيما أذكر، محرر جريدة (L'Oumma) (الأمة) إلى جانب الهادي نويرة وتونسيين آخرين.
وللحقيقة فإني كنت أخطو، أنا المنهجي المنظم والكريم، خطوات متأنية على درب الخطأ، درب الوطنية الاشتراكية. وسيكون الخطأ قاضيا وسيظهر لي أنني لم أكن منظما ولكن كنت كريما فقط. فعشر سنوات بعد الواقعة، كان علي أن أتعلم أن الوطنية الاشتراكية أدت إلى تكريس المبتغى اليهودي المرسوم منذ ألف سنة بإنشاء نزعة توحيدية أوروبية وسيادتها على العالم المستعمر. ولكني كنت بعيدا عن هذه الحقيقة.
¬__________
(¬1) تتجرد (الوطنية) أحيانا من أي بعد مقدس. وليتأمل القارئ عنوانا ورد في جريدة جزائرية: (تفكيك شبكة وطنية مختصة في سرقة السيارات بتلمسان) المقصود عند محرر هذا العنوان هو الامتداد الجغرافي للشبكة الإجرامية وتفرعها وليس حبها للوطن طبعا. (الخبر ليوم 26 أكتوبر 2006). (المترجم).

الصفحة 82