كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

كما أن حماسي الوطني الاشتراكي كانت تبرره الأحداث الدولية نفسها. لقد كانت السلطات الانجليزية تضطهد الفلسطينيين وكان المفتي الأكبر يستغيث باستمرار.
ومن جهة أخرى، أعلنت الصحافة فجأة في حدود شهر ماي أن (أحداثا خطيرة يتم الإعداد لها على حدود الحجاز).
فكان للخبر وقع على نفسي، لأن السلفي، بل قل الوهابي، الذي كنت وقتها، فهم بصورة دقيقة جدا معناه. فهمت أن اليهود، وهم يتحركون كمستشارين علنيين أو خفيين للاستعمار، قد أعدوا مؤامرة ضد ابن سعود. كنت أعلم أنهم وبعد أن استعملوا ضده كل (الأسلحة الداخلية) (انتفاضات متعددة قادها الدرويش وابن رفادة وغيرهما)، فسيلجأون إلى (الأسلحة الخارجية). ولم أجانب الصواب. كانت الفاشية الموسولونية تسعى وقتها لبعث الإمبراطورية الرومانية. عشت أياما في تأثر بالغ. فكنت أدعو الله في صلواتي، والدموع في عيني، أن يحبط الحسابات الخفية التي كانت تريد استعمال الإمام يحيى لتحطيم ابن سعود. كنت أتبين إيطاليا بصورة جلية وراء إمام اليمن، ومن بعدها انجلترا وفرنسا، ثم اليهود من وراء الجميع.
وبعد أن رجعت يوما من قضاء بعض حاجاتها، روت لي زوجتي أنها سمعت رجلين يتحدثان أمام متجر. قال أحدهما:
- سوف تدمر انجلترا هؤلاء المتعصبين ومعهم ابن سعود.
وعندما تثاقلت زوجتي في مشيتها لتسترق السمع أكثر، دخل الرجلان المتجر. وفي الغد أو بعده، نشرت الصحف خبرا مفاده أن

الصفحة 83