كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

الجيش السعودي بقيادة الأمير فيصل قد أفشل بمناورة سريعة كل خطة الحرب التي أعدها الإمام يحيى إذ تم الاستيلاء على ميناء الحديدة في ظرف أربع وعشرين ساعة، كما تم حرق أو إغراق جميع المركبات التي سلحت بغرض الاستيلاء على جدة وساعد على ذلك انتفاضة داخلية، وفر حاكم مدينة الحديدة سباحة حاملا معه محتوى الخزينة العامة قبل أن يلحق به جنديان سعوديان ويعودا به ويسلم للسلطات. لم يحصل نهب ولا عنف ولا تجاوزات من قبل السلطات الوهابية. وقد لفتت جميع هذه التفاصيل انتباهي وكانت لها مغزى عندي.
وقد أوردت الصحافة الأحداث وتحدثت عنها كما يجري الحديث عن كارثة مجملة بمشاريع وأفكار ونتائج. لقد خسر موسولوني بوضوح، أما الآخرون فاندحروا كذلك إلا أنهم لم يفصحوا عن خيبتهم التي أبانتها عناوين الصحف التي كانت تتضمن تعليقات عن الوضع الذي خلقته (قبائل متزمتة ومتوحشة تسمى الوهابية). ولم أزدد إلا فهما وإدراكا لأهداف الاستعمار وحقيقته. ولهذا فقد أصبت بالخيبة المريرة إثر مطالعتي، بعد الأحداث بوقت، في مجلة (الشهاب) مقالا لابن باديس يتأسف فيه على (إراقة دماء الإخوة المسلمين) , هذا ما استخلصه الشيخ الموقر من هذه المأساة التي تقابل فيها روح الإسلام و (خيانة) المسلمين.
تحسرت على السلفية الجزائرية ونظرتها الضيقة والجبانة.
لم تزدني نهاية السنة الدراسية إلا إغراقا في معادلاتي وفي مخططاتي الرياضية. وكنت على عجلة للذهاب للعطلة , وفي يوم من

الصفحة 84