كتاب مذكرات مالك بن نبي - العفن (اسم الجزء: 1)

ووضعوه تحت إمرة بنجلول وتصرفه، ولكن حول الفرص فقط، وعلى العموم نبقى متفقين.
وبالطبع لم نكن غير مكترثين أمام القضايا والأحداث العالمية، فقد كنا نتابع تطورات الحرب الأهلية في إسبانيا والحرب في إثيوبيا.
غير أن جل اهتمامنا كان متابعة ماسينيون في محاضراته حول الإسلام التي كان يلقيها بباريس. واعتقد أني حكمت على نفسي بعد حضوري محاضرة من محاضرات المستشرق الكبير التي ألقاها في مقر اتحاد الشبان المسيحيين. ومن دون ميعاد التقيت مع الإخوة بن ساعي وعلي بن أحمد. وعلى عادته فكلما رأى ماسينيون مسلمين بين الحضور في القاعة، عالج موضوع محاضرته بحذر.
غير أن علي بن محمد وبطبعه الاستفزازي، وهو ما كنت أستهجنه فيه، كان يفصح أكثر مما يجب عن أي شيء لم يعجبه. في هذه الأمسية بالذات وبعد أن أنهى البروفيسور ماسينيون تدخله أمام حضور أبدى انتباها كبيرا لكلام المحاضر، طلب علي بن أحمد الكلمة. وكان وقحا إلى درجة كبيرة إذ وصف ماسينيون، دون مواربة، بالكذاب. وقد ندد الحضور به واحتج بالصفير، فتدخلنا نحن المسلمين إلى جانب المسيحيين ضد صديقنا الذي لم يغفل أن يدعي بأنه (المستشار التقني للحزب الوطني) (نجم شمال إفريقيا). وأنا ألح على أن هذا محض ادعاء لا يقوم على أساس ولكنه سيقدم حجة ضدي سنة بعد هذه الحادثة.

الصفحة 99