كتاب مذكرة في أصول الفقه

وهذا الحديث حاول ابن حزم تضعيفه من ثلاث جهات وهذا الحديث ناقشناه في الكتاب الذي كتبنا على القرآن مناقشة وافية، والتحقيق أن حيان بن عبيد الله ليس بمجروح وان زعم هو أن أبامجلز الذي روى عنه الحديث لم يلق ابن عباس أنه كذب وأنه أدرك ابن عباس وأبا سعيد الخدري رحمهما الله.
وان الحديث لا يقل عن درجة القبول بوجه من الوجوه عند المناقشة الصحيحة كما بيناه في الكتاب الذي كتبناه في القرآن وهذا الحديث قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك كل ما يكال أو يوزن وهذا أقرب لظاهر نص النبي - صلى الله عليه
وسلم - من ابن حزم الذي يسخر من الامام أحمد وأبي حنيفة رحمهما الله، وليس قصدنا في هذا الكلام أن نتكلم عن ابن حزم لأنه رجل من علماء المسلمين وفحل من فحول العلماء الا أن له زلات ولا يخلو أحد من خطأ ومقصودنا أن نبين لمن نظر في كتب ابن حزم فقط أن حملاته على الأئمة أن الغلط معه فيها لا معهم وأنهم أولى بالصواب مته وأعلم منه وأكثر علماً وورعاً منه فهم لا يحملون على أحد ولا يعيبون أحداً.
والحاصل أن الحاق المسكوت عنه بالمنطوق أمر لا شك فيه وأن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل. والله جل وعلا قد بين نظائر في القرآن يعلم بها الحاق النظير والنبي - صلى الله عليه وسلم - أرشد أمته إلى ذلك في أحاديث كثيرة.
فمن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن القبلة للصائم فقال له: أرأيت لو تمضمضت فهذا اشارة من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قياس (القبلة على المضمضة) بجامع أن القبلة مقدمة الجماع والمضمضة مقدمة للشرب فكل منهما مقدمة الافطار وليس بافطار ومحل كون
القبلة كالمضمضة اذا كان صاحبها لا يخرج منه شيء أما اذا كانت القبلة تخرج منه شيئاً فهو كالذي اذا تمضمض ابتلغ شيئاً من الماء فحكمه حكمه.
وكذلك ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث ثابتة متعددة في الصحيحين أنه سأله رجل مرة وامرأة مرة أنهما سألاه عن دين يقضيانه عن ميت لهما، مرة تقول مات أبي ومرة تقول أمي وكذلك الرجل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان ينفعه؟ قالت: نعم.
قال: فدين الله أحق أن يقضى

الصفحة 418