وحتى أولئك الذين يعتمدون في امتحاناتهم على الغش والنقل، فقد كان عليهم أن يعملوا بجدية لتحضير أنفسهم لأيام الامتحان الصعبة. فكان على هؤلاء إذن قبل كل شيء أن يحلوا مشكلتهم الأساسية. هل يدخلون معهم إلى قاعة الامتحان كتاباً يستعينون به في النقل، أم يحضرون نسخاً مكتوبة عن الدروس والمحاضرات.
وفي فرقة عبد الحميد نسيب كانت هناك مناقشة خاصة حول هذا الموضوع. فالذين تبنوا النظرية الأولى أخذوا يدرسون أفضل الوسائل لوضع الكتاب على ركبهم، وتحديد كيفية إيصال النور إلى الكتاب عبر فتحة القميص (قندورة).
أما أنصار الحل الثاني فقد أخذوا يدرسون إمكانية كل موضوع يطرح في الامتحان. ولذلك فرضوا على أنفسهم إمكانية فقدانهم المنحة الدراسية إذا لم يكن السؤال من بين المواضيع المختارة.
لقد عادت كلمة الشاوش (هي ... هي ... هي) تمارس أثرها في أعصاب الجميع. وذات صباح قرأ (دورنون) أسماء الطلبة في باحة المدرسة أمام ذلك الجمع المتصبب عرقاً من عناء الليلة الأخيره من ليالي المذاكرة.
وفي أيام الامتحانات هذه كانت تصدر عني حركات وتصرفات أذكر أنني قمت بها في امتحانات السنوات السابقة. لقد كنت أرى بشكل غامض أن لهذه الحركات قوة سحرية. وقد تكون غالباً أموراً تافهة، فمثلاً لقد غسلت قميصاً من قبل في ذلك الوقت، وإذا بي هذا العام أعود لأفعل ذلك في اللحظة ذاتها تقريباً وبالحركات نفسها. لقد كان المهم الحصول على هذه الفكرة المؤملة.
وفي السنة الماضية فعلت مثل هذا ونجحت وتلك الأفكار الصبيانية كانت توجهني دون شك بمعزل عن سيطرة قواي العقلية.