كتاب مذكرات شاهد للقرن

ربما لم أكن أعبر عما يجول في ذهني بذلك الشرح، إنما هذا ما كنت أفكر به؛ ولم يكن زملائي يرغبون في المغاعرة بذلك التفكير لذلك آثروا النظر إلي دهشين. أما أنا فقد نسيت هذا الموضوع مع الزمن ولم أعد للتفكير فيه أبداً.
في تلك الفترة أيضاً بدأت أعالج مشكلة أخرى صغيرة غير أنها سببت لي بعض الارتباك. في السنة المدرسية التي قضيتها في القسم التكميلي تعلمت وضع (الشاشية) حسب الطريقة المعروفة باسم (موسى à la Moussa).
ولم يكن من العسير أن أجد في شارع يؤدي إلى (رحبة الصوف) شاشية من النوع المناسب القابل للثني حسب الطريقة المذكورة.
وجاء بعد ذلك وقت وضع ربطة العنق، وقد اعترض ذلك بعض الصعوبات الصغيرة، فكان علي أن أغير صدارتي ذات الطراز القديم التي تخلو من تلك الفتحة وتسمح بظهور الربطة. وكذلك فإن ياقة قمصاني لم تكن معدة إعداداً يحمل الربطة الجديدة. لم تكن فقط مشكلة مالية، فإنه من أجل شراء قميص حديث مع ياقتين كان لابد من الذهاب إلى شارع (كارامان Caraman) وإلى متجر فرنسي. ليس هذا كل شيء، بل ينبغي التحدث إلى البائع. وقد يكون يهودياً قادراً على السخرية أو فرنسياً يتصنع الأهمية أمام زبون من أبناء المستعمرات ( Indigène) لقد كان هذا بالفعل أمراً صعباً.
أخيراً وجدت من يساعدني على شراء ذلك اللباس. ولكن تبع ذلك أن (فضلي) و (قاواو) أمضيا الوقت بعد ظهر جمعة أو أحد- لم أعد أذكر جيداً- واقفين على عتبة المدرسة ليعلّماني طريقة عقد الربطة. وليس ضرورياً أن أذكر صعوبة كيِّ القبة وترتيبها، بطريقة لا يبقى معها فراغ بينها وبين القميص يسمح برؤية الرقبة.
وليس سهلاً أن نتصور أهمية هذه الصعوبات في وقت كانت أخواتنا يمارسن

الصفحة 69