كتاب موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ت حسين أسد (اسم الجزء: 4)

الشُّرُفَاتِ، فَوَعَظَهُمْ وَقَالَ: إنَّ الله-جَلَّ وَعَلا- أمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَعْمَلُ بِهِنَّ، وَآمُرُكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ أنْ تَعْبَدُوا الله وَلا تُشْركُوا بِهِ شَيْئَاً، وَمَثَلُ ذلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْداً بِخَالِصِ مَالِهِ، بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، فَقَالَ لَهُ: هذِهِ دَارِي وَهذَا عَمَلِي، فَجَعَلَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إلى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ هكَذَا؟ وَإن اللهَ خَلَقَكُم وَرَزَقَكُمْ، فَاعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. وَآمُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ، فَلاَ تَلْتَفِتُوا، فَإنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَلْتَفِتِ (¬1)، اسْتَقْبَلَهُ -جَلَّ وَعَلاَ- بِوَجْهِهِ. وَآمُرُكُمْ بالصِّيام، وَإنَّما مَثَلُ ذلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ وَعِنْدَهُ عِصَابَةٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَجِدُوا رِيحَهَا، فَإنَّ [رِيحَ] (¬2) الصَّائِمِ عِنْدَ الله أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. وَآمُرُكُمْ بالصَّدَقَةِ، وَإنَّ مَثَلَ ذلِكَ كَمَثَلِ رَجُل أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَاأَوْثَقُوا يدَهُ إلَى عُنُقِهِ وَأًرَادُوا أَنْ يَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِي؟ فَجَعَلَ يُعْطِيهِمُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ لِيَفُكَّ نَفْسَهُ مِنْهُمْ. وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ الله، فَإنَّ مَثَلَ ذلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعاً فِي أَثَرِهِ (¬3) فَأَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ، فَكَذلِكَ الْعَبْدُ لا
¬__________
(¬1) يقال: التفت إلى الشيء، إذا صرف وجهه إليه، والتفت عنه: أعرض، والتفت بوجهه: مال به.
(¬2) سقطت من الأصلين، واستدركت من مصادر التخريج.
(¬3) جاء في أثره: أي: في عقبه.

الصفحة 134