كتاب موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ت حسين أسد (اسم الجزء: 4)
عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: فيَّ وَالله وَفِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنْزَلَ
الله -جَلَّ وَعَلا- صَدْرَ آيَةِ الْمُجَادَلَةِ.
قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ، وَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ. قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْماً فَرَاجَعْتُهُ فِي شَيْءٍ، فَغَضِبَ وَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُني عَلَى نَفْسِي، فَقُلْتُ: وَالَّذِي نَفْسُ خُويلَةَ بِيَدِهِ لا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ (¬1) وَرَسُوُله فِينَا بِحُكْمِهِ. قَالَتْ: فَوَاثَبَنِي، فَامْتَنَعْتُ مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشيْخَ الضَّعِيفَ، فَاَلْقَيْتُهُ عَنِّي، ثُم خَرَجْتُ إلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَاباً، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّي جِئْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ، فَجَعَلْتُ أَشْكُو إلَيْهِ مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ. قَالَتْ: فَجَعَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "يَا خُوَيْلَة (¬2)، ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كبِيرٌ فَأَبْلِى الله (¬3) فِيهِ". قَالَتْ: فَوَالله مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَتَغَشَّى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ. ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: "يَا خَوْلَةُ قَدْ أنْزَلَ الله فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ".
¬__________
(¬1) في الأصلين "حتى حكم الله ... ".
(¬2) في (س): "خولة".
(¬3) أبلي الله فيه، أي: أحسني فيما بينك وبين الله يبرك إياه واحسانك إليه.
الصفحة 290