كتاب موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ت حسين أسد (اسم الجزء: 5)
بِالْحِجَارَةِ، وَقَدْ أدْمَى عُرْقُوَبيْهِ وَكَعْبَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أيُّها الناسُ، لاَ تُطِيعُوهُ فَإِنَّهُ كَذَّابٌ. فَقُلْتُ: مَنْ هذَا؟. فَقِيلَ: هذَا غُلامٌ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قُلْتُ: فَمَنْ هذَا الذي يَتْبَعُهُ، يَرْمِيهِ بالْحِجَارَةِ؟. قِيلَ: هذَا عَمُّهُ عَبْدُ الْعُزَّى أبُو لَهَبٍ. فَلَمَّا أظْهَرَ الله الإسْلامَ (¬1)، خَرْجَنا فِي ركْبِ (¬2) حَتى نَزَلْنَا قَرِيباً مِنَ الْمَدِينَةِ ومَعَنَا ظَعِينَةٌ لَنَا (¬3)، فَبَيْنَمَا نَحْنُ قُعُودٌ، إِذْ أتَانَا رَجُلٌ عَلَيْهِ بُرْدَانِ أبْيَضَانِ، فَسَلّمَ فَقَالَ: مِنْ أيْنَ أقْبَلَ الْقَوْمُ؟ قُلْنَا: مِنَ الربَذةِ. قال: وَمَعَنَا جَمَلٌ، قَالَ: أتَبِيعُونَ هذَا الْجَمَلَ؟. قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: بِكمْ؟. قُلْنَا: بِكَذَا وَكَذَا صَاعاً مِنْ تَمْرٍ. قَالَ: فَأخَذَهُ وَلَمْ يَسْتَنْقِصْنَا. قَالَ: قَدْ أخَذْتُهُ. ثُمّ تَوَارَى بِحِيطَانِ الْمَدِينَةِ. فَتَلاوَمْنَا فِيمَا بَيْنَنَا، فَقُلْنَا: أعْطَيْتُمْ جَمَلَكُمْ رَجُلاً لا تَعْرِفُونَهُ. قَالَ: فَقَالَتِ الظَّعِينَةُ: لا تَلاوَمُوا، فَإِنَّي رَأيْتُ وَجْهَ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لِيُخْفِرَكُمْ (¬4)، مَا رَأيْتُ أحَداً (¬5) أشْبَهَ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ وَجْهِهِ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَشِيِّ أتَانَا رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَليْنَا فَقالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- إلَيْكُمْ، يَقُولُ: "إِنَّ لَكُمْ أنْ تَأكُلُوا حَتَّى تَشْبَعُوا، وَتَكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا".
¬__________
(¬1) في الإحسان: "فلما ظهر الإسلام".
(¬2) في الإحسان: "خرجنا في ذلك".
(¬3) الظعينة: المرأة ما دامت في الهودج، فإذا لم تكن فيه فليست بظعينة.
(¬4) يقال: خَفَرْت الرجل، إذا أجرته وحفظته، وأخفرت الرجل، إذا نقضت عهده وذمامه. والهمزة فيه للإزالة، أي: زالت خفارته، مثل أشكيته إذا أزلت شكايته.
(¬5) في الإحسان: "شيئاً".
الصفحة 294