كتاب موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ت حسين أسد (اسم الجزء: 5)
قَالَتْ: أرَى سَوَاداً مُجْتَمِعاً. قَالَ: تِلْكَ لِمُقْبِلٍ (¬1). قَالَتْ: وَأرَى رَجُلاً يَسْعَى بَيْنَ ذلِكَ السَّواد مُقْبِلاً وَمُدْبِراً. قَالَ: ذلِكَ يَا بُنَيَّةُ الْوَازِعُ (¬2)، يَعْنِي الّذِي يَأْمُرُ الْخَيْلَ وَيتَقَدَّمُ إلَيْهَا. ثُمّ قَالَتْ: قَدْ وَالله انْتَشَرَ السَّوادُ، فَقَالَ: قَدْ وَاللهِ دَفَعَتِ الْخَيْلُ، فَأَسْرِعَي بِي إلَى بَيْتِي. فَانْحَطَّت بِهِ قَتَلقَّاهُ الْخَيْلُ قَبْلَ أنْ يَصِلَ إِلَى بَيْتِهِ، وَفِي عُنُقِ الْجَارِيَةِ طَوْقٌ لَهَا مِنْ وَرِقٍ، فَتَلَقَّاهَا رَجُلٌ فَاقْتَطَعَهُ مِنْ عُنُقِهَا. قَالَتْ: فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، أتَاهُ أبُو بَكْرِ -رَضِيَ الله عَنْهُ- بِأبِيهِ يَقُودُة، فَلَمَّا رآهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "هَلاَّ تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتى أكونَ أنَا آتِيَهُ؟ ". قَالَ أبُو بَكْرٍ: يَا رسول الله، هُوَ أحَقُّ أنْ يَمْشِي إلَيْكَ مِنْ أنْ تَمْشِيَ إلَيْهِ. فَأجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ، ثُم قَالَ لَهُ: "أسْلِمْ" فَأسْلَمَ. قَالَتْ: وَدَخَلَ بِهِ أبُو بَكْرٍ - رضِيَ الله عَنْهُ- عَلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَكَأن رَأسَهُ ثَغَامَةٌ (¬3)، فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "غَيِّرُوا هذَا مِنْ شَعْرِهِ". ثُم قَامَ أبُو بَكْرٍ وَأخَذَ بِيَدِ اخْتِهِ فَقَالَ: أنْشُدُ اللهَ وَالإسْلاَمَ طَوْقَ أُخْتِي (¬4)،
¬__________
(¬1) في الإحسان، وعند أحمد، والطبراني "تلك الخيل".
(¬2) في (س): "الوزاع". ويقال: وَزَعَه، يزَعُهُ، وَزْعاً، فهو وَازِغٌ، إذا كَفَّه ومنعه.
(¬3) ثَغَامة -بفتح الثاء المثلثة، والغين المعجمة-: نبت أبيض الزهر والثمر، يشبه به الشيب، تنبت في قُنَّةِ الجبل، إذا يبست اشتد بياضها. والجمع: ثَغَام.
(¬4) المعنى: أسألكم بالله، وبالإسلام أن تردوا طوق أختي.
الصفحة 336