كتاب موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ت حسين أسد (اسم الجزء: 5)
النبِيِّ-صلى الله عليه وسلم-الّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ-: غَزَوْتُ مَع رَسُولِ الله-صلى الله عليه وسلم - تَبُوكَ. فَلَمَّا قَفَلْنَا، سِرْنَا لَيْلَةً، فَسِرْتُ قَرِيباً مِنْهُ. وَأُلْقِيَ عَلَيَّ النُّعَاسُ، فَطَفِقْتُ أسْتَيْقِظُ وَقَدْ دَنَتْ رَاحِلَتِي مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَيُفْزِعُنِي دُنُوُّهَا خَشْيَةَ أَنْ أُصِيبَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ (¬1)، فَأَزَجُرُ رَاحِلَتِي، حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي فِي بَعْض اللَّيْلِ، فَزَحَمَتْ رَاحِلَتِي رَاحِلَتَهُ فِي الْغَرْزِ، فَأصَبْتُ رِجْلَهُ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلاَّ بِقَوْلهِ: "حَسِّ" (¬2). فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَقُلت: اسْتَغْفِرْ لِى يا رسول الله، فَقَالَ: "سِرْ". فَطَفِقَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَسْألُنِي عَمَّنْ تخلَّف مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَاُخْبِرُهُ، فَإِذَا هُوَ قَالَ: "مَا فَعَلَ النَّفَرُ السُّودُ الثِّطَاطُ" (¬3) فَحَدَّثْتُهُ بتَخَلُّفِهِمْ، فَقَالَ: "مَا فَعَلَ النَّفَرُ السُّودُ الْجِعَادُ الْقِطَاطُ (¬4) - أَوِ الْقِصَارُ- اَلذِينَ لَهُمْ نَعَمٌ بِشَبَكَةِ شَرْخٍ" (¬5). فَتَذَكَرْتُهُمْ فِي بَنِي غِفَارٍ، فَلَمْ أذْكُرْهُمْ، حَتَّى
¬__________
= الفتح، ورمي بسهم في نحره يوم أحد ... وانظر "الاستيعاب" 11/ 258 - 259،
وأسد الغابة 4/ 493، والإصابة 11/ 134 - 135، وسيرة ابن هشام 2/ 399.
(¬1) الغَزْز -بفتح الغين المعجمة، وسكون الراء المهملة-: ركاب الرحل، وهو من الجلد يعتمد عليه في الركوب. وهو أيضاً مصدر الفعل: غرز. ويقال: إلزم غرز فلان، أي: أطع أمْره ونهيه، ويقال: اشدد يديك بغرزه: تمسك به.
(¬2) تقدم شرحها عند الحديث (852).
(¬3) الثطاط- بكسر الثاء المثلثة من فوق-: واحدها ثَطٌ، وهو الكوسج الذي عري وجهه
من الشعر إلا طاقات في أسف حنكه. ويقال: رجل ثَطّ وأثَطّ.
وقال ابن الأثير في النهاية 1/ 211: "ويروى حديث أبي رهم (النَّطانِط) جمع نطناط، وهو الطويل".
(¬4) القِطَاط: الشديد جعودة الشعر.
(¬5) قال ابن الأثير في النهاية 2/ 457: "وفي حديث أبي رهم: (لهم نعم بشبكة شرخ)، وهو -بفتح الشين وسكون الراء-: موضع بالحجاز، ويعضهم يقوله بالدال". وفي تاج العروس كذلك، وفي اللسان أيضاً. =
الصفحة 354