كتاب موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ت حسين أسد (اسم الجزء: 7)
قَالَ فَفَتَّشُوهُ، فَإذَا هُمْ بِالْكِتَاب عَلَى لِسَانِ عُثْمَانَ، عَلَيْهِ خَاتَمُهُ إلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ أن يَصْلِبَهُمْ، أو يَقْتُلَهُم، أو يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ. فأقبلوا حتى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَأتَوْا عَلِياً -رَضِيَ الله عَنْهُ- فَقَالُوا: ألَمْ تَرَ إلَى عَدُوِّ الله، كَتَبَ فِينَا بِكَذَا وَكَذَا، وَإِنَّ الله قَدْ أحَلَّ دَمَهُ، قُمْ مَعَنَا إِلَيْهِ. قَالَ: وَالله لا أقُومُ مَعَكُمْ. قَالُوا: فَلِمَ كَتَبْتَ إِلَيْنَا؟. قَالَ: وَالله مَا كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ كِتَاباً قَطُّ. فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أبِهذَا تُقَاتِلُونَ، أو بِهذَا تَغْضَبُونَ؟. فانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى قَرْيةٍ، وَانْطَلَقُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالُوا: كَتَبْتَ فِينَا بِكَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: إِنَّما هُمَا اثْنَتَانِ: أنْ تُقِيمُوا عَلَيَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أوْ يَمينِي بالله الَّذِي لا إِلهَ إِلا هُوَ مَا كَتَبْتُ، وَلاَ أمْلَيْتُ، وَلا عَلِمْتُ، وَقَدْ تَعْلَمُونَ أنَّ الْكِتَابَ يُكْتَبُ عَلَى لِسَانِ الرَّجُلِ، وَقَدْ يُنْقَشُ الْخَاتَمُ عَلَى الْخَاتَمِ. فَقَالُوا: وَالله أحَلَّ الله دَمَكَ. وَنَقَضُوا الْعَهْدَ (176/ 1) وَالْمِيثَاقَ، فَحَاصَرُوهُ. فَأشْرَفَ عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: السَّلام عَلَيْكُمْ. فَمَا اسْمَعُ أحَداً مِنَ النَّاسِ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلام، إِلا أن يَرُدَّ رَجُلٌ فِي نَفْسِهِ. فَقَالَ: أنْشُدُكُمُ الله هَلْ عَلِمْتُمْ أنى اشْتَرَيْتُ رُومَةَ مِنْ مَالِي، فَجَعَلْتُ رِشَائِي (¬1) فِيهَاكَرِشَاءِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟. قِيلَ: نعم. قَالَ: فَعَلامَ تَمْنَعُوني أن اشْرَبَ مِنْهَا حَتَّى أُفْطِرَ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ؟.
¬__________
(¬1) الرشاء: حبل الدلو ونحوها.
الصفحة 127