كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)
مع هذا أَشْرَكُوا بِيَ الْجِنَّ، وعبدوا معي المعبوداتِ التي لا تنفعُ ولا تَضُرُّ (¬١).
وقولُه: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} في إعرابِ قوله: {الْجِنَّ} أَوْجُهٌ:
أشهرُها (¬٢): أنه أحدُ مَفْعُولَيْ {جَعَلُوا}. والمعنَى: جعلوا الجنَّ شركاءَ لله. فهو المفعولُ الأولُ، أُخِّرَ لأَمْنِ اللَّبْسِ.
و (جعل) هنا ذهب كثيرٌ من العلماءِ إلى أنها التي بمعنَى (صيَّر) (¬٣) وهو غلطٌ. وإن قاله كثيرٌ من أَجِلَاّءِ العلماءِ.
والتحقيقُ: أن (جَعَلَ) هنا بمعنى ( ... ) (¬٤).
( ... ) منافعها من ألبانٍ وأصوافٍ وأوبارٍ وأشعارٍ وأسمانٍ إلى غيرِ ذلك، وكذلك خَلَقَ السماءَ ورفعَها وأبعدَ سَمْكها وَزَيَّنَهَا بالنجومِ، وجعلَها سَقْفًا محفوظًا تَمُرُّ عليه آلافُ السنين لَا يتفطرُ، ولا يتصدعُ، ولا يتشققُ، ولا يحتاجُ إلى إصلاحٍ وترميمٍ: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (٤)}
---------------
(¬١) انظر: البحر المحيط (٤/ ١٩٢ - ١٩٣).
(¬٢) انظر: ابن جرير (١٢/ ٧)، القرطبي (٧/ ٥٢)، البحر المحيط (٤/ ١٩٣)، الدر المصون (٥/ ٨٣).
(¬٣) انظر: الدر المصون (٥/ ٨٣). وما سيأتي عند تفسير الآية (١١٢) من سورة الأنعام.
(¬٤) في هذا الموضع وقع انقطاع في التسجيل. والكلام على (جعل) ومعانيها تجده عند تفسير الآية (١١٢) من سورة الأنعام، والآية (١٨٩) من سورة الأعراف. والكلام بعد الانقطاع يتعلق بالآية التي بعدها (١٠١) وهي قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ... } الآية.