كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)
وفيها نزلت: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} (¬١).
فالحاصل أن على المسلم أن يبر والديه ولا يعقهما، فبِرّ الوالدين من أعْظَمِ الذّخَائر عند الله، ومن أعظم أسباب دخول الجنة، وعقوق الوالدين من كِبَائِرِ الذنوب الموجبة لسخط الله ولدخول النار مع قُبْحِهَا في الدّنيا.
وقوله: {إِحْسَاناً} مصدر، قال بعض العلماء: منصوب بفعل محذوف {أَلَّا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} وأن تحسنوا بالوالدين إحساناً (¬٢).
وقوله جل وعلا: {وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إمْلَاقٍ} [الأنعام: آية ١٥١] قال هنا في سورة الأنعام: {وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إمْلَاقٍ} وقال في سورة بني إسرائيل- وهي سورة الإسراء-: {وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء: آية ٣١] قال بعض العلماء (¬٣): بين الآيتين فَرْق؛ لأن آية الأنعام تدل على أن الرجل يكون فقيراً في هذا الوقت ويقتل ولده للفقر الحاضر، وهو معنى قوله: {وَلا تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إمْلَاقٍ} أي: من أجل الإملاق، وهو الفقر الحاضر.
الثانية: أن يكون غير فقير، ولكنه يخاف الفقر في المستقبل،
---------------
(¬١) صرح بذلك سفيان بن عيينة عقب رواية الحديث، كما عند البخاري في كتاب الأدب (١٠/ ٤١٣). وقد ورد ذلك صريحاً من طريق آخر لا تخلو من ضعف.
(¬٢) انظر: ابن جرير (١٢/ ٢١٥)، القرطبي (٧/ ١٣٢).
(¬٣) انظر: البحر المحيط (٤/ ٢٥١)، الدر المصون (٥/ ٢١٩)، أضواء البيان (٢/ ٢٧٨).