كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

فالتي هي أحسن: المحافظة عليه من الضياع، والتثمير: هو تنميته بالرِّبْح بالوجوه المأمونة، التي يغلب على الظن -بحسب العادة- أن فيها سلامة وربحاً لا ضياعاً، ومن التي هي أحسن: أن القائم على مال اليتيم -وإن اشتغل في حفظه والتجارة فيه- إن كان له مال لنفسه يأكل من مال نفسه، ويثمّر لليتيم ماله مجاناً (¬١)، كما تقدم في قوله: {وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ} [النساء: آية ٦] وهذه من الدلالات على أن هذا الشرع الكريم شرع سَمَاوِي، يراعي حقوق الضعيف، ويحافظ على مكارم الأخلاق.
وقوله: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (حتى) حرف غاية بمعنى (إلى)، والمُغيَّا بها: النهي عَنْ قُرْبِ مَالِ اليتيم بغير التي هي أحسن، والمضارع بعد (حتى)، منصوب بـ (أن) محذوفة، وهو في محل جر بـ (حتّى) والمعني بـ (حتى): إلى، إلى أن يبلغ أشده؛ أي: إلى بلوغ أشُده. وظاهر هذه الغاية ليس مراداً بإجماع العلماء (¬٢)؛ إذ ليس
---------------
(¬١) انظر: ابن جرير (١٢/ ٢٢١)، القرطبي (٧/ ١٣٤).
(¬٢) انظر: البحر المحيط (٤/ ٢٥٢)، الدر المصون (٥/ ٢٢٠)، أضواء البيان (٢/ ٢٧٨ - ٢٧٩).

الصفحة 507