كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

في حق المسلمين: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: آية ٨٨]، {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ (٢١٥)} [الشعراء: آية ٢١٥] {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [الأعراف: آية ١٥٩] ويقول في غير المؤمنين: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: آية ٧٣] {قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: آية ١٢٣].
وجميع ما في القرآن والسنة هو الهدي الصحيح الذي ينير معالم الطريق للإنسان في جميع المصالح الدنيوية والأخروية، ويجمع بين مصالح الدنيا والآخرة، وإذا قَرَأْتُمْ آيتين من سورة النساء فيهما صلاة الخوف: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ} [النساء: آية ١٠٢] إلى آخر الآيتين. هذا وقت التحام الكفاح المسلَّح، والمفروض أن الرجال يموتون، والقرآن في هذا الوقت يعلّم المسلمين وَجْه الخطة العسكرية، وكيف يكونون؛ ليمكنهم بذلك أن يؤدوا لله (جل وعلا) طاعة من طاعاته، وأدباً روحيّاً من آداب السماء، وهو الصلاة في الجماعة.
فهكذا يكفل القرآن المحافظة والقوة في الدنيا، والاتصال بخالق هذا الكون، وتهذيب الروح على ضوء تعاليمه، والاتصال به. ويقول في سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللهَ} [الأنفال: آية ٤٥] فقوله: {فَاثْبُتُواْ} هذا تعليم سماوي عسكري، ومعنى: {فَاثْبُتُواْ} هو أمر العسكريين بالصمود في خطوط النار الأمامية في وجه العدو في الميدان، وهذا تعليم

الصفحة 545