كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعمل بكتابه وسنته، ومجالسهم كأن على رؤوسهم الطير فيها، فمن كان على هديه - صلى الله عليه وسلم - في الأعمال والأقوال والأفعال والسمت والعقيدة فهو الفرقة الناجية، وغيره هي الفرق الضالة المضلة التي فرقت دينها وجعلته شيعاً.
وقوله: {وَكَانُوا شِيَعاً} الشيع جمع شِيعَة، وكل قوم تشيعوا واجتمعوا على نصرة رجل، أو على نحلة ينتحلونها فهم شيعة، سواء كانت في الخير أو في الشر (¬١)، ومنه قوله في نوح: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (٨٣)} [الصافات: آية ٨٣] أي: من جماعته الذين هم على دينه وهديه، ومنه قول الكُمَيْت (¬٢)، وهو من الشيعة الذين يَتَشَيَّعُون لِآلِ النبي - صلى الله عليه وسلم -:
وَمَا لِيَ إِلَّا آلَ أَحْمَدَ شِيعَةٌ ... وَمَا لِيَ إِلَّا مَذْهَبَ الحقِّ مَذْهَبُ

{شِيَعاً} أي: فرقاً مختلفة، كل فرقة تَنْصُر صاحب بدعة مثلاً، أو رأس ضلالة يشيعونه وينصرونه.
{لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} معناه: أنت بريء منهم، وهم بُرَءَاء منك، لست على دينهم وليسوا على دينك، والعرب إذا كان الإنسان بريئاً من الإنسان يقولون: لستُ منك ولستَ مني، ومنه قول نابغة ذبيان (¬٣):
إِذَا مَا رُمْتَ فِي أَسَدٍ فُجُوراً ... فَإِنِّي لَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي
---------------
(¬١) انظر: المصباح المنير (مادة: شيع) ص (١٢٦).
(¬٢) البيت في شذور الذهب ص ٢٦٣، تلخيص الشواهد لابن هشام ص ٨٢، قطر الندى (٢٤٦).
(¬٣) البيت في ديوانه، ص (١٣٨). وروايته في الديوان: «إذا حاولت ... ».

الصفحة 606