كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

الأولَ من أطوارِ الإنسانِ: الماءُ والترابُ، والطورَ الثاني: هو النُّطفةُ. أشار الله إلى بعضِ تلك الأطوارِ بقولِه: {أَنْشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} ثم أَتْبَعَهُ بقولِه: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} على قراءةِ: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} (¬١) وبعضُهم قَرَأَ: {فَمُسْتَقِرٌّ} بكسرِ القافِ، أما: {وَمُسْتَوْدَعٌ} فجميعُ السبعةِ قرؤوها بفتحِ الدالِ، وأما: {مُسْتَقَرٌّ} ففيها قراءتانِ سبعيتانِ: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} {فَمُسْتَقِرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} (¬٢).
أما على قراءةِ: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} (¬٣) فالأظهرُ أنهما اسْمَا مكانٍ. أي: مكانُ استقرارٍ، ومكانُ استيداعٍ. وقيل: هما مصدرانِ مِيمِيَّانِ. أي: فاستقرارٌ واستيداعٌ.
أما على قراءةِ: {فَمُسْتَقِرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} {فَمُسْتَقِرٌّ}: اسمُ فاعلٍ، و {وَمُسْتَوْدَعٌ} اسمُ مفعولٍ. كما يأتي شرحُه.
وقد تَقَرَّرَ في فَنِّ العربيةِ: أن الفعلَ إذا زادَ ماضيه على ثلاثةِ أحرفٍ فإن اسمَ مكانهِ، واسمَ زمانِه، ومصدرَه الميميَّ كلها بصيغةِ وزنِ اسمِ المفعولِ، كما هو معروفٌ في فَنِّ الصَّرْفِ (¬٤).
وأكثرُ علماءِ التفسيرِ أن المرادَ بـ: (المُستَقَرّ): المُسْتَقَرُّ في
---------------
(¬١) في هذا الموضع وقع وهم للشيخ (رحمه الله) استدركه بعده بأسطر، وقد حذفت الكلام الذي وقع فيه الوهم هنا وأثبت الكلام على وجهه بعد استدراك الشيخ رحمه الله.
(¬٢) انظر: المبسوط لابن مهران ص ١٩٩.
(¬٣) في توجيه هذه القراءات انظر: حجة القراءات ٢٦٢ - ٢٦٣، ابن جرير (١١/ ٥٦٢ - ٥٧٢)، القرطبي (٧/ ٤٦) البحر المحيط (٤/ ١٨٨)، الدر المصون (٥/ ٦٦).
(¬٤) انظر: التوضيح والتكميل (٢/ ٨٣، ٨٤).

الصفحة 8