كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْهِ} [الأنعام: آية ١٢١] يعني: الميتة، وإن زعم أولياء الشيطان وأتباعه الذي يوحي إليهم أنه ذبيحة الله بسكين من ذهب، وأنه أحل من ذبيحة المسلمين. قال: {وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْهِ} ثم قال: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} أي: خروج عن طاعة خالقكم. ثم قال: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} يُعنى بـ (وحي الشيطان): قوله: ما ذبحتموه بأيديكم حلال، وما ذبحه الله حرام، فأنتم إذاً أحسن من الله!! ثم قال -وهو محل الشاهد-: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)} [الأنعام: آية ١٢١] هذا فَصْل الله (جل وعلا) بين المتحاكمين إلى قانون الشيطان والمتحاكمين إلى قانون الرحمن، فقد اختصم أتباع الشيطان وأتباع رسل الرحمن في مضغة من لحم: هي لحم الميتة، فقال أتباع الشيطان: إنه حلال.
واستدلوا على ذلك بوحي الشياطين: أنها إنما قتلها الله، وما قتله الله ذبيحة الله، وذبيحة الله أحَلّ [من] (¬١) كلِّ شيء. هذا وحي الشيطان وتشريع الشيطان وإلقاء الشيطان إلى أتباع الشيطان. ثم إن الذي أنزل الرحمن على رسل الرحمن أن الميتة التي ماتت ولم تُذَكَّ ولم يذكر اسم الله عليها أنها ميتة يحرم أكلها {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [البقرة: آية ١٧٣] {وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْهِ} [الأنعام: آية ١٢١] فهذه طائفة الشيطان تتبع قانونه ونظامه: أن هذا اللحم حلال!! وهذه طائفة أتباع رسل الرحمن تحكم بأن هذا اللحم حرام بتشريع خالق السماوات والأرض، ثم هذا فَصْلُ الله وحكمه بين الطائفتين، قال: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)} [الأنعام: آية ١٢١] وإن أطعتموهم في تشريع إبليس، واتباع قانونه ونظامه في تحليل الميتة إنكم لمشركون بخالق السماوات والأرض؛ لأن التحريم والتحليل لا يكون إلا
---------------
(¬١) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.

الصفحة 28