كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

قالوا: معناه [صار جَعْدًا] (¬١).
الوجهُ الثاني: وبه قال غيرُ واحدٍ: أن نَبِيَّ اللَّهِ شُعَيْبًا كان معه جماعةٌ من قومِه آمنوا به، فالذين آمنوا به من قومِه كانوا كُفَّارًا على ملةِ قومِهم، وهم عددٌ كثيرٌ، وهو رجلٌ واحدٌ [فعُبِّر] (¬٢) باسمِ العددِ الكثيرِ وَغَلَّبُوهُ على ذلك الواحدِ، والتزمَ معهم شعيبٌ في هذا الخطابِ تَغْلِيبًا لقومِه الأكثرين. وظاهرُ كلامِ ابنِ جريرٍ (رحمه الله) في تفسيرِ هذه الآيةِ الكريمةِ من سورةِ الأعرافِ ذَاهِبًا أن شعيبًا كان معهم - سابقًا - على مِلَّتِهِمْ، وكذلك قال صَرِيحًا عن إبراهيمَ في قولِه: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: آية ٧٦] فنقل ابنُ جريرٍ عن ابنِ عباسٍ أن إبراهيمَ كان يظنُّ ربوبيةَ الكوكبِ في ذلك الزمنِ. ونحنُ نقولُ: إن قولَه في الخليلِ إبراهيمَ غَلَطٌ مَحْضٌ لا شَكَّ فيه، وَإِنْ نَسَبَهُ إلى ابنِ عباسٍ؛ لأن الآياتِ القرآنيةَ صَرَّحَتْ بأن إبراهيمَ لم يكن من المشركين، ونفى عنه الشركَ في الكونِ الماضِي، والكونُ الماضِي يستغرقُ كُلَّ الزمنِ، كقولِه: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)} [آل عمران: آية ٦٧] قولُه: {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} نَفَى الشِّرْكَ عن إبراهيمَ في الكونِ الماضِي، والكونُ الماضِي مستغرقٌ. ومنه قولُه تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠)} [النحل: آية ١٢٠] ونحو ذلك من الآياتِ، فنفيُ هذا عن إبراهيمَ صريحٌ، ونفيُه
---------------
(¬١) في هذا الموضع كلام غير واضح. وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.
(¬٢) في هذا الموضع كلام غير واضح، وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.

الصفحة 597