كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

المسلمونَ النصارى واليهودَ - عياذًا بالله؟! وهذا معنَى قوله: {إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا}.
{عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} [الأعراف: آية ٨٩] هذا كلامُ نَبِيِّ اللِّه شعيبٍ، وتقديمُ المعمولِ الذي هو الجارُّ والمجرورُ يدلُّ على القصرِ (¬١)، أي: لَا نَتَوَكَّلُ إلا عليه وحدَه جل وعلا.
ثم قال: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} الفُتاحةُ في لغةِ حميرَ القديمةِ معناها: الحكمُ. كان الحميريونَ وغيرُهم من قبائلِ اليمنِ من قحطانيين يطلقونَ اسمَ الفُتاحةِ على القضاءِ، والفَتَّاح على الحاكمِ، والفتح على الْحُكْمِ، والقرآنُ جاءت فيه لغاتُ العربِ (¬٢).
ومعنَى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا} [الأعراف: آية ٨٩] أي: احْكُمْ بَيْنَنَا وبين قومِنا بالحقِّ، ومعلومٌ أن اللَّهَ لا يحكمُ إلا بالحقِّ.
{وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} أي: الحاكمين. وجاء في القرآنِ إطلاقُ الفتحِ على القضاءِ كثيرًا، كقولِه: {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ} [السجدة: آية ٢٩] وقولُه جل وعلا {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: آية ٢٦] إلى غيرِ ذلك من الآياتِ.
{وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ (٩٠)} [الأعراف: الآية ٩٠].
---------------
(¬١) مضى عند تفسير الآية (٤٧) من سورة البقرة.
(¬٢) مضى عند تفسير الآية (٧٦) من سورة البقرة.

الصفحة 606