كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
{بِالسِّنِينَ} والمراد بالسنين: الجدب والقحط حتى تقل بسببه الأرزاق، يعني: هذا البلاء بالسنين، العرب تقول: هذه سنة، وهذه سنون -يعنون أنها عام أو أعوام- جُدب، يقلّ فيها المطر، ويكثر فيها الجدب، ويقل فيها الأرزاق. وهذا معروف في كلام العرب، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ» (¬١) حتى إن العرب ليقولون: أسنت القوم. أي: أصابتهم السنة الشهباء المجحفة، التي فيها جدب وعدم المطر. ومنه قول ابن الزبعرى السهمي (¬٢):
عَمْرُو العُلا هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ... وَرَجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُون عِجَافُ
(مسنتون): أصابتهم السنة بالقحط وعدم المطر حتى جاعوا، وهذا معنى قوله: {بِالسِّنِينَ}.
{وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ} أي: وأخذناهم بنقص من الثمرات بحيث لا تثمر أشجارهم. قال بعضهم: كانت النخلة قد تكون فيها تمرة واحدة. قال بعض العلماء: السنين: هي الجدب بباديتهم، ونقص الثمرات: قلة الزروع والثمرات لأمصارهم (¬٣).
وعلى كل حال فالمراد أن الله يُقل عليهم المطر حتى تقل أرزاقهمِ من زروع وثمار وغيرها، وهذا معنى قوله: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠)} [الأعراف: آية ١٣٠] أي: يتعظون.
---------------
(¬١) مضى عند تفسير الآية (١٥٨) من سورة الأنعام.
(¬٢) البيت في القرطبي (٧/ ٢٦٤)، الدر المصون (٥/ ٤٢٧).
(¬٣) انظر: ابن جرير (١٣/ ٤٦).