كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

المخلوق منحطّة لائقة بالمخلوق، منحطّة عن مشابهة قدرة الخالق.
ووصف (جل وعلا) نفسه بالسمع والبصر فقال: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: آية ١] ووصف بعض خلقه بذلك فقال: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} [مريم: آية ٢٨] {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢)} [الإنسان: آية ٢] ونحن -أيها الإخوان- لا نشك في أن الله صادق في كتابه أن الله سميع بصير، وأن بعض خلقه سميع بصير، إلا أنا نعلم أن سمع الله وبصره لائقان بكماله وجلاله، منزهان عن مشابهة سمع المخلوق وبصره، وأن سمع المخلوق وبصره ثابتان له حقًّا ثبوتًا لائقًا به، متقهقرًا منحطًّا عن مشابهة صفة الخالق جل وعلا.
وقد وصف الله نفسه بالحياة فقال: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: آية ٢٥٥] {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: آية ٥٨] ووصف بعض خلقه بالحياة فقال: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: آية ٣٠] {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [الروم: آية ١٩] {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)} [مريم: آية ١٥] ونحن لا نشك أن الله صادق في وصفه نفسه بالحياة، وصادق في وصفه خلقه بكتابه بالحياة، ونعتقد أن لله حياة حقيقيَّة لائقة بكماله وجلاله، منزهة عن مشابهة صفات المخلوقين، كما أن للمخلوقين حياة حقيقية لائقة بحالهم، متقهقرة منحطّة عن مشابهة صفة خالق السماوات والأرض (جل وعلا) كانحطاط ذواتهم عن ذاته (جل وعلا).
وقد وصف (جل وعلا) نفسه بالعلم فقال: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ

الصفحة 20