كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

عَلِيمٌ} [الأنفال: آية ٧٥] ووصف بعض خلقه بالعلم فقال: {نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الحجر: آية ٥٣] {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ} [يوسف: آية ٦٨] فنحن لا نشك أن الله صادق في وصفه -في كتابه- نفسه بالعلم، وصادق في وصفه بعض خلقه بالعلم، إلا أن صفة الله لائقة بالله، وصفة المخلوق مناسبة للمخلوق، وبينهما من المنافاة كمثل ما بين ذات الخالق وذات المخلوق كما لا يخفى.
وقد وصف (جل وعلا) نفسه بالكلام قال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: آية ١٦٤] {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: آية ١٤٤] {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: آية ٦] ووصف بعض خلقه بالكلام فقال: {فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: آية ٥٤] {وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ} [يس: آية ٦٥] إلى غير ذلك، ونحن نجزم بأن لله كلامًا حقًّا لائقًا بكماله وجلاله، وللمخلوق كلام أيضًا مناسب لحاله، وبين هذا وهذا كما بين ذات الخالق وذات المخلوق كما لا يخفى. إلى غير هذا من صفات المعاني.
وكذلك ما يسمونه: (صفات السلوب) والسلبية عندهم هي ما يسمونه: القِدم، والبقاء، والمخالفة للخلق، والغنى المطلق الذي يعبرون عنه بالقيام بالنفس، والوحدانية. هذه هي صفات السلوب المعروفة عندهم. وقد جاء في القرآن وصف الخالق والمخلوق بها على نحو ما ذكرنا، فما يسمونه: القِدم والبقاء ويزعمون أن الله وصف بهما نفسه في قوله: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} [الحديد: آية ٣] قد جاء وصف الله نفسه بهما، وهو أعني الأولية والآخرية حيث قال: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} ووصف المخلوقين بالأولية

الصفحة 21